مديري ليس صديقي وزميلي ليس أنا!

البداية

بعدما تركت مجال التعليم اتجهت للعمل في مجال خدمة العملاء، وفي البداية ظننت بأن الأمر سيكون سهلًا وأنه عليّ فقط الاعتياد على طبيعة العمل وتعلمه. والآن بعد مرور ما يقارب العام من العمل في هذا المجال أستطيع القول بأن التحدي الأصعب لم يكن الاعتياد على العمل أو تعلمه وإنما التعامل مع الأشخاص، إذ قُدّر لي العمل مع مدير صعب وبيئة زملاء ممن يندبون حظوظهم على مدار الساعة. وفي الحقيقة رغم بعض الإشكالات والصعوبات التي واجهتني لم أفكر يومًا أن أتنازل عن وظيفتي لأيّ منها، وإنما دائمًا ما كنت أتعامل مع الأمور كسؤال وجواب وبهذا كنت أجد في الجواب وسيلة لتفادي السلبية المحيطة بي. وأنا اليوم سعيدة بعملي الذي يكرهه زملائي ولا أواجه أي مشاكل مع مديري الصعب لأنني مدركة تمامًا بأن مديري ليس صديقي، وزميلي ليس أنا.

مديري صعب ولكنه انسان!

نعم مديري ليس صديقي، ولهذا لن يؤثر بي إن كان يكرهني أو يعاملني بجفاء. وعليك التفكير بالمثل، فلماذا نتوه في هذه الأفكار بينما كل ما علينا فعله هو أداء عملنا بكفاءة وأمانة! أذكر مرة في بداية عملي بأنه قد وجه لي الكلام أمام الجميع بأسلوب مستفز، ولم أكن معتادة وقتها على أخذ الملاحظات بهذا الشكل من أي شخص، وكان رد فعلي نابعًا من شخصيتي الهادئة فما كان مني إلا أن حاولت إظهار احترامي له ولملاحظته، وبالفعل في وقتها تغيرت نبرة صوته الغاضبة لهدوء تام. وقد تكرّر هذا الموقف لأكثر من مرة، ومع هذا حتى اليوم  أعامله في حالة عدم رضاه كما أعامل أي عميل غاضب أو غير راضٍ؛ أتقبّل شكواه وأوضح أسفي وأظهر رغبتي بسماعه وحل الإشكال إن وجد. فمديري صعب ولكنه إنسان.

زميلي ليس أنا!

يقول بعض زملائي بالعمل إنّ الضغط هائل والمردود المادي قليل، ونادرًا ما سمعت من أحدهم كلمة شكر بحق العمل الذي أحبه، ولهذا فزميلي ليس أنا وزملاؤكم كذلك بالمثل. فعليكم أن تعرفوا جميعًا بأن تجارب الآخرين لا تعكس مستقبل تجاربكم، فكل شخصٌ له ميول وطاقة وفكر مختلفان، قد تتجاذب مع عملٍ وأشخاصٍ وقد تنفر منهما.

ذَكرَت في إحدى المرات فتاةٌ ممن كنت أعمل معهن قبل أن تقدم استقالتها بأنه قد مرت عليها أيام كانت تعمل وهي تبكي وأن حالتها النفسية تسوء من يوم لآخر بسبب ضغط العمل، بينما أنا في نفس الفترة التي هي شعرت فيها بهذا الضغط لم يكن لدي أدنى شعور به والسبب بالطبع أنني لست هي وهي ليست أنا. ولهذا علينا عيش التجربة ومن ثم إطلاق الأحكام لأن ما لا يناسب "سائدة" قد يناسب فلان والعكس.

الخلاصة

لم أفكر يومًا بأنني قد أتوجه للعمل بهذا المجال، ولا أنني سأضطر للتعامل مع مختلف الشخصيات من عنيد، وعصبي، ومتذمر، ومتلاعب، وغيرهم الكثير. وكل هذا يعود فضله لعملي كموظفة خدمة عملاء. لا أنكر بأنه قد مرت عليّ أوقات كنت أشعر بالضيق والإنهاك ولكن دائمًا ما كنت أضع مستقبلي الذي أخطط له أمام عينيّ. فلا يهزمني تسلط أحدهم لأهدم الحلم ولا تذمر أحدهم لتهتز ثقتي بأني قادرة على تجاوز أي صعاب بشرية. فبرأيي نحن لا نستطيع القيام بالشيء إن حاولنا وبذلنا المجهود لفعله ولم نستطع، بينما الأحكام المسبقة المبنية على فلان قال أو يقول ما هي إلا حجّة لخذل الذات.