نساء من العصر الوسيط إلى الحالي

نساء من التاريخ

شهد التاريخ مرور شخصيات مهمة للنساء اللواتي تركن بصمة فيه، فشهرزاد التي تُروى على لسانها قصص الألف ليلة وليلة والموناليزا اللوحة الأكثر شهرة في العالم، وروزي رمز الأمريكيات اللواتي يعملن في المصانع، والكثير الكثير من الشخصيات التي عُرفت عبر الأجيال المتعاقبة.

لطالما كان موضوع المرأة يثير جدلاً فكريًا، وحقوقيًا، وسياسيًا، فقد اختلفت مكانتها من مجتمع لآخر، ومن معتقد إلى آخر، وبالرّغم من تقدم بعض الشعوب، إلا أنه لا زال يُلاحظ أن العديد من المجتمعات يحتفظ بتلك العقلية الرِّجعية لقضية المرأة وعلى أنها فقط أداة لبلوغ الشهوة ولإشباع الغرائز.

الأسطورة "أفروديت"

هذه النظرة قديمة قدم التاريخ ومنذ عقود كثيرة من الزمن مع العصور الوسطى وتحديدًا مع الأساطير اليونانية العريقة.

لقد قدس اليونانيون الأنثى وجعلو منها إلهة أعطوها اسم "أفروديت" التي اعتبروها إلهة الحب. وليس الحب بمعناه الرومانسي الجميل، بل الحب الأنثوي الجنسي. إلا أن هذه الإلهة لم تبق خالدة، لأن تعاليم عبادة الآلهة الخالدة ارتكزت على معتقد يقول أن هناك رِجالاً خدعوا العالم من خلال أكاذيب حطّت من شأن المرأة باعتبارها مخلوقًا مشوهًا أنتجته الطبيعة، ولا يمكنها ممارسة أي من الفضائل الأخلاقية، "خلقت فقط للإنجاب وهذه مساحة إنتاجها" ؛ أرسطو. ولا يختلف هذا المعتقد عن هؤلاء الذين يعتقدون أنّ الأنثى ناقصة عقل وذكاء وذلك نتيجة ترسخ الفكرة الذكورية على أنها كائن لا يستطيع التفكير بالعقل، رغم أنها استطاعت أن تُثبت غير ذلك على مرّ التاريخ، على أنها كائن قادر على التفكر وقادر على اكتساب المعرفة.

الحكمة والذكاء مع حوّاء وإيزيس

كانت "حوّاء" امرأة حكيمة وذكية فقد أكلت من شجرة المعرفة فاكتسبتها، كانت "حوّاء" امرأة تتميز بحكمتها وذكائها الذي استطاع التفوق بقوتها وذكائها على الشياطين. وكذلك من يقرأ أسطورة "إيزيس وأوزوريس" يرى أنها قد انتصرت بعقلها ومعرفتها على حقد أخ أوزوريس الذي دفعه بالمقابل إلى قتله وتقطيع أعضائه. لكن بفضل عقل وذكاء وحكمة إيزيس قامت بجمع أعضائه، ومنحه حياة أخرى، وإن كانت هذه الأسطورة تدل على شيء فهي تدل على أن المرأة قديمًا كانت هي الفعل والفاعلة وأن الرجل كان مفعولا به، لكن الأساطير حرّفت وفُسرت تفسيرًا عكسيًا تمامًا، وقد قامت على معتقد يقول بأن الرجل هو الذي ولد المرأة وليست هي التي ولدته، ثم استولى الرجل على العرش والقوة وألصق للمرأة تهمة الضعف.

النساء ساحرات

نُعتت النساء قديمًا على أنّهن ساحرات، وقد ذكر "دان براون" صاحب الكتاب الشهير "شيفرة دافينتشي" في كتابه أن "المحكمة الكاثوليكية قامت بنشر كتاب عن ذلك. هذا الكتاب الذي اعتبر أكثر منشور دموي عرفه تاريخ البشرية على الإطلاق". "مطرقة الساحرات" هذا الكتاب الذي لقن للعالم فكرة خطرة على الإناث ذوات الأفكار المتحررة وحثه على قتلهن.

ومن بين النساء التي حكم عليهن أنهن ساحرات، المعلمات، والكاهنات، والغجريات، ومحبات الطبيعة، وأي امرأة تنسجم مع العالم الطبيعي، حتى أنه كان قديمًا يتم قتل القابلات بسبب ممارستهن للخبرة والمعرفة الطبية في تخفيف الآلآم وذلك لأنهم يعتبرون أن هذا الألم ما هو إلا عقاب على ذنب "حوّاء" التي أكلت من شجرة المعرفة.

تركت القصص والأساطير القديمة كل هذه المعتقدات حول المرأة إلى أن أضحت أزلية وأبدية.

وها هي المرأة الآن وفي القرن الحادي والعشرين لا زالت تعاني من النظم الأبوية، وترسخ السلطة الذكورية، ومن العادات والتقاليد، والأعراف الجاهلية الموروثة والدخيلة.

لكن على الرغم من مجموعة من العراقيل بفضل ذكائها وحكمتها الموروثة استطاعت أن تجتازها بترسيخ حضورها عبر التاريخ فقد فرضت وجودها وحضورها في شتى الميادين. الآن أصبحنا نسمع امرأة طبيبة، سياسية، معلمة، سائقة، فلاحة... وما إلى غير ذلك.

أختم قولي هذا باقتباس صغير من كتاب "الوجه العاري للمرأة العربية" لنوال السعداوي.

"اضطهاد المرأة لا يرجع إلى الشرق أو الغرب، ولكنه يرجع أساسا إلى النظم الأبوية في المجتمع البشري كله".