هل تحلّ ألعاب الفيديو محل اليوغا وأساليب الاسترخاء الأخرى؟
يبدو النقاش حول تأثير ألعاب الفيديو على الصحة النفسية أزليًّا؛ هل تُعتبر ألعاب الرماية "Shooting Games" متنّفسًا بعد يوم طويل ومُتعِب، أم أنها ترفع مستويات الأدرينالين فحسب؟ هل يمكن للضياع ضمن (ستارديو فالي Stardew Valley) لساعات متواصلة أن يساعدك على الاسترخاء، أم يُشتّت انتباهك فقط لا غير؟
في النهاية، أظهرت الدراسات قدرة ألعاب الفيديو على تخفيف التوتر طالما -ككل شيء في هذا العالم- مورست باعتدال.
إنما المفاجأة وجود بعض أنواع الألعاب التي لا تساعد فقط في تخفيف الضغوط، ولكنها تُتيح لنا -أيضًا- مواجهتها بهدوء.
نقطة قوة الألعاب الخاملة "Idle games" أنها كذلك!
كثيرًا ما اعتبرت الألعاب الخاملة (يدعوها البعض ألعاب النقر، لأن كل المطلوب فيها هو نقرٌ متتابع!) مملة، إذ سرعان ما أجد ذهني شاردًا طوال جلسة اللعب؛ بسبب قصصها الساذجة ومتطلباتها الغاية في البساطة! ثم أدركت أن ذاك -بالضبط- سرّ تألقها على قمّة ألعاب تخفيف التوتر.
أثناء بحثي عن حلّ لشرودي، صادفت مصطلح "التفكير غير الموجه Undirected thinking"، والذي صاغه عالما النفس (جوني سمولوود Jonny Smallwood) و(جوناثان سكولر Jonathan Schooler)، لوصف ما يحدث عندما تراودنا أفكار لا علاقة لها بالمهمة التي بين أيدينا، دون المساس/عرقلة الأخيرة.
ذاك تمامًا ما تحفّزه الألعاب الخاملة
فمن خلال استخدام مهام بسيطة، ننجزها بآليّة؛ امشِ هنا، وأكمل هذا اللغز البدائي، واجمع تلك العناصر، تمنحك (ألعاب النقر) قدر التحفيز الذهني الكافي للعب، في ذات الوقت الذي ينجرف فيه عقلك اللاواعي بعيدًا.
يمكنك أثناء شرودك -داخل اللعبة وخارجها- التفكير بما يشغلك ويسبب لك التوتر، دون السماح لتلك الأفكار بالسيطرة عليك. ففي النهاية، لا يمكنك التوقف عن المشي قبل أن تصل إلى وجهتك.
مثال: في لعبة The Longing، تلعب دور مخلوق صغير فضولي، يُعرف باسم (ظلّ Shade)، ومكلّف بمراقبة ملك نائم لمدة 400 يوم. ونعم، 400 يوم حقيقي (مع وجود بعض الطرق الخفية لإنهاء انتظارك مبكرًا)!
- يعود القرار إليك من حيث عدد المرات التي تزور فيها الظل، وكيفية قضاء وقتكما معًا.
- يمكنك جمع العناصر المفقودة في العالم السفلي.
- المشي واستكشاف الأنفاق (ولكن ببطء شديد جدًا).
- الجلوس وقراءة أحد النصوص الكلاسيكية المركونة على الرف داخل اللعبة.
كما تلاحظ، صُممت جميع عناصر اللعب وعناصر التحكم (التي تعتمد على الإشارة والنقر) بحيث تكون متساهلة.
على أحد المستويات، تساعد المهام اللطيفة وعناصر التحكم في الإضاءة في The Longing على تخفيف التوتر من خلال تزويدك بأهداف سهلة ولكن ذات معنى. لكن بالنظر إلى فكرة شرود العقل، فإن هذه الآليات المتساهلة تعزز لحظات مؤقتة من الانفصال بين لا وعيك و(وعيك الفوقي Meta-awareness).
بمعنى آخر، ستحظى بوقت للتفكير دون التدقيق بماهيّة أفكارك، وقد ثبتت فائدة ذلك في تعزيز حل المشكلات وتخفيف التوتر.
مزيد من التحرر
في حين أن للعديد من ألعاب النقر مسارًا محددًا للاعبيها، نجد لعبة Everybody's Gone to the Rapture تمنحك عالمًا مفتوحًا (أو قرية ريفية مفتوحة) لاستكشافه بأي طريقة تريدها.
يشجعك هذا على التجول رقميًّا (وبالتالي، يحفّز عقلك على الشرود). وعلى الرغم من وجود قصة ثابتة، فإن الانفتاح الضخم لعالم اللعبة في الوقت الذي تكون فيه طريقة سيرك متأنية جدًا، يترك مساحة كافية بين كل جزء من السرد لتتمكن من ملئها بأفكارك اللاواعية. إنها لعبة تم إنشاؤها مع وضع الفجوات في الاعتبار. بينما تشق طريقك ببطء إلى الجزء التالي من رحلتك، يمكنك ببساطة أن تبدأ في التساؤل عما يزيد من توترك مع وجود مسافة قصيرة بينك ومخاوفك.
ختامًا
مع اعتبارها نشاطًا لتخفيف التوتر، تتشابه الألعاب الخاملة وألعاب المشي مع الممارسات الذهنية؛ غالبًا عن غير قصد من مصمميها. إذ تدفعك لإنشاء إعدادات، وقصص وآليات تشجع على الاكتشاف والكشف بتأنٍ. لذلك ليس من المفاجئ أنه بينما تتجول "شخصيتك" ويشرد عقلك، فإن بعض هذه الاكتشافات تكون انعكاسًا لذاتك!
إن وجود لعبة تسمح لك بالتحكم اللطيف في مخاوفك مثيرٌ للإعجاب ومفيد للغاية عند استخدام ألعاب الفيديو للاسترخاء.
لكن هل يمكن للعبة أن تفعل ذلك دون حتى التفكير في الأمر؟ حسنًا الآن، هذا موضوع آخر.