الاجتهاد في غياب مورد النص
علينا أن نجتهد، وعلى الحكومة الأردنية أن تصيب، ومن لا يتعلم من خطئه لا يمكن أن يصيب يومًا، وعلينا أيضا أن نفرق بين الحكومة التي ما آمنت يومًا بها وبين الإجراءات الحكومية التي أُقَدر وأحترم وأقصد الإجراءات وليست الحكومة بعينها.
أولًا وأخيرًا، الحكومة بشر مثلنا وعلينا أن نؤمن في هذا الوقت بالتشاركية معهم رغم اختلافنا مع الحكومات المتعاقبة جميعًا.
كلنا ندرك مخاوف يوم الثلاثاء وما قد يحصل في الساعات الأولى من توقيف العمل بأمر (الدفاع 2) مؤقتًا وما يترتب عليه من فك حظر التجول لفترة زمنية، وكيف سيكون التدافع على المحلات التجارية، والاختلاط الذي قد ينسف بناية الأمان الصحي التي بنيناها صابرين متكافلين متضامنين كالبنيان المرصوص، والذي قد يؤدي لا سمح الله إلى ظهور الخلل في البرنامج الصحي المرسوم في مواجهة هذا الوباء.
هنالك خياران لا ثالث لهما، وفي نفس الوقت لا يمكن تطبيقهما لاعتبارات تتعارض مع الواقع الإنساني من جانب، والواقع الصحي من جانب آخر.
الخيار الأول
يتمحور حول بقاء حظر التجول قائمًا طالما الحالة الموجبة إليه قائمة، وهذا الأمر لا يمكن تصوره في ظل حاجة الإنسان إلى الغذاء والدواء وأساسيات الحياة بالقدر اللازم للبقاء على قيد الحياة والتمتع بالمناعة اللازمة لمواجهة أي عارض مرضي، سواء فيروس كورونا أو غيره من الأمراض التي تنهار أمام كريات الدم البيضاء عنوان المناعة، وعليه يسقط الخيار الأول.
الخيار الثاني
يتمثل بفك حظر التجول نهائيًا، والعودة إلى المربع الأول والتخلي عن مبدأ 'اعقل وتوكل' والرمي بمبدأ 'درهم الوقاية' بعيدًا لنبقى في مواجهة كتائب كورونا مجردين من سلاح الوقاية والأخذ بالأسباب، ليشغلنا تبادل الاتهامات عن عدونا وعدو البشرية جمعاء، ولا أتصور أن هناك عاقلًا أو بقايا مجنون وشبه سفيه وذو غفلة يدعو لذلك.
ما الحل إذا؟
الوسطية أساس ديننا وعمود خُلقنا وقاعدة أصيلة تحكم عاداتنا، والعقل والمنطق يقول ببقاء حالة حظر التجول قائمة ما دامت أسبابها مشروعة كقاعدة عامة والاستثناء على الأصل يتمثل بفك الحظر كل أسبوع لساعات معدودة يعلن عنها مبكرًا، وحتى لا نعود إلى مخاوف الخيار الأول، علينا كحكومة وشعب متضامنين في مواجهة هذه الآفة أن نطرح بعض الإجراءات التي تحد من مخاوف ومخاطر الاختلاط في فترات فك الحظر، وعليه نقترح ما يلي:
أولًا: تقوم المخابز بعملها منذ منتصف الليلة السابقة لرفع الحظر بإنتاج الخبز موزونًا ومغلفًا قبيل بدء سريان فك الحظر وتكتفي نهارًا بالبيع فقط مما يساعد على سرعة الشراء وعدم الوقوف بانتظار الإنتاج، أضف إلى ذلك ضرورة تشغيل جميع المخابز وبنفس الترتيب لتخفيف نسبة التجمهر في مكان واحد.
ثانيًا: فتح جميع الصيدليات طيلة فترة فك الحظر مع ضمان توافر جميع الأدوية الضرورية والدورية كأدوية الضغط والسكري والقلب.
ثالثًا: تمارس المؤسسة العسكرية والمدنية عملها خارج أسواقها المعتادة، وأقصد بذلك تفعيل فكرة الباعة المتجولين. ويمكن تحقيق ذلك من خلال توزيع سيارات الشحن الكبيرة والتابعة للمؤسستين العسكرية والمدنية في الأحياء والأرياف بشكل يضمن تواجد سيارة شحن واحدة على الأقل في كل تجمع سكاني صغير لضمان انخفاض نسبة التجمهر، ويكون البيع من خلال سيارة الشحن كالمعتاد في المؤسسة وبنفس الأسعار والكيفية.
رابعًا: البقاء على إغلاق جميع مرافق الدولة والمحال التجارية.
خامسًا: إصدار التوجيهات والفتاوى الدينية حسب قاعدة لا ضرر ولا ضرار، وبث روح المواطنة الصالحة في النفوس.
سادسًا: التركيز بالقدر المستطاع على منع استغلال الأطفال من قبل أولياء الأمور في عملية الشراء لما فيه من مخاطر وإعاقة لسرعة الإنجاز وإدراك مخاطر الاختلاط، وهذه النقطة يحكمها القانون الأخلاقي وضمير المواطن الحي.
سابعًا: تتولى العناصر الأمنية المراقبة عن قرب والمتابعة وضبط الأمر وفق تعليمات وأنظمة تصدر لهذه الغاية وتحت طائلة مساءلة قانون الدفاع والتعليمات الصادرة بموجبه.
دعونا نؤمن بالتشاركية والتجاوب مع الأيادي الشريفة الممدودة لخير البلاد والعباد.
اللهم حرر كوكب الأرض من براثن الوباء.