القراءة.. تحليق ممتع
لم تكن القراءةُ يومًا مجرّد عادة علينا اتباعها لأنها إيجابية، وكذلك محاولة جعل من حولنا وخاصة الأطفال يتخذونها تقليدًا عنا سواءً رغبوا بها أم لا، بل هي أسمى وأكثر متعةً وفائدة من هذا المنظور محدود الإدراك لها، فالقراءة عالمٌ كامل متكامل، تدخله عطشًا فترويك معرفةً وعلماً، تائهًا فتقدم لك البوصلة والإرشاد والنور إلى حيث الصواب، متململًا من واقعك وتكراره اليومي فتحلق بكَ إلى مكانٍ يعلو السحاب حيث الخيال، والأساطير والأفكار المنفتحة على أنهر السرد العذبة لكل ما لم يكن ولكنّ الكلمات الجذلة خلّقته وجعلتك تعيشه.
اخلع عن عقلك رداء القولَبة والتقليد الأعمى لمبدأ زُرع فيكَ خطأً بأن الشخص حامل الكتاب في المواصلات شخص "مثقف يحاول لفت الانتباه"، فإنه ليس بحاجة للمحاولة ذلك لأنه وببساطة ملفتٌ للانتباه فعلًا بسبب تفرّده عن كل المحيطين به ممن قد شكّلت رِقابهم لرأسهم حبلًا يحاول سحب دلوٍ ممتلئ من قاع بِئر، منحنية فوق الشاشة الوضّاءة بانكباب مدهش وكأن معجزة العالم ستحدث في سحبة اصبعه التالية فيما يشاهد!
عليكَ بالقراءة لأنها تنمّيك، تُشكّلك، تُعيد صياغةَ مبادئك وأفكارك وتبدّل ما هو ليس لك منها بجديدٍ يُنسب إليك بكامل فخرك واستعدادك للدفاع عنه، لأننا أمةُ اقرأ، فجرّب مرةً أن تحلق بقراءة كتاب ما، وأعدك أن أفكارك لن ترضى أن تطأ الأرض ثانية، بل ستحثك دومًا على ذلك التحليق الجذاب فاككًا قيودك عنها ومطلقًا لها عنانَ التحول والتشكّل في فضاء الحرية الشاسع?