مستقبل الإعلام إلى أين؟

أحدث التطور التكنولوجي تغييرات في مختلف مجالات العمل، وساهم بتطويرها بما يتناسب مع التكنولوجيا الحديثة، حيث ظهرت العديد من الوظائف الجديدة، وكان لذلك التطور تأثير ملحوظ في مجال العمل الصحفي وتغيير نمط المؤسسات الإعلامية في التعامل مع المادة الصحفية، كما أصبح يختلف كليًا عن الشكل التقليدي في السابق.

وظهرت بعض التخصصات الإعلامية الجديدة، منها: صحافة البيانات والخوارزميات، والذكاء الاصطناعي، وتتطلب تلك التحولات تغيير طبيعة العمل الصحفي، فأصبح لا بد للصحفي من أن يكتسب مهارات إعلامية جديدة، أي ما يسمى بالصحفي الشامل، الذي من الواجب عليه إتقان العديد من المهارات المتنوعة في نفس الوقت، والتي تتضمن: التصوير، والمونتاج، وصحافة البيانات، وإنتاج الفيديو، وتصميم الوسائط المتعددة، والبرمجة، وإدارة مواقع التواصل الاجتماعي والمحتوى، وغيرها.

صحافة البيانات 

يشمل مفهوم صحافة البيانات استخدام المؤسسات الإعلامية البيانات الرقمية، أي نشر المعلومات التي تتعلق بالأرقام والإحصائيات ووصفها وتوضيحها بطريقة بسيطة للمشاهد، من خلال الرسم البياني والتصاميم المختلفة.  

وتساعد صحافة البيانات في تحويل المادة الصحفية المعقدة والمعمقة، إلى رسم بياني يوضح المعلومة وينقلها للمشاهد بطريقة مرئية تجذب الانتباه وترسخ المعلومة بكل بساطة، وخاصة تلك الأخبار المتعلقة بالأرقام والإحصائيات في بعض القضايا مثل الجرائم، والفساد، والنقاشات السياسية، وسوء استخدام الأموال.

وتنبع أهمية البيانات في عصرنا الحالي متزامنة مع وفرة المعلومات الرقمية بشكل كبير، فيأتي هنا دور صحافة البيانات في معالجة تلك المعلومات، من خلال تحليلها وقراءتها بأسلوب جيد، وإنتاج مضمون هادف ذي مغزى للمشاهد بشكل محدّد، مع مراعاة استخدام أسلوب علمي دقيق وواضح لجميع فئات المجتمع.

لذلك يجب على الصحفيين امتلاك مهارة توظيف صحافة البيانات في التعامل مع الأخبار والمعلومات التي تتعلق بالإحصاءات والأرقام، والعمل على تحليلها وتبسيطها، ومعرفة الأدوات اللازمة لانتقاء ما يثير اهتمام المشاهد، ما يؤدي إلى رؤية الأخبار بمنظور منطقي ومتماسك لجميع الأحداث والقضايا في البلاد.

صحافة الذكاء الاصطناعي

يعرف الذكاء الإصطناعي على أنه: قيام الآلات والحواسيب الرقمية المبرمجة بالعديد من الوظائف والمهام، تشابه ما يقوم به الإنسان، التي تتطلب الذكاء والعمليات الذهنية، كالقدرة على التفكير والتحليل والتعلم والتجارب.

يشهد الإعلام في العصر الحالي تحولًا نحو تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعتبر صحافة الذكاء الاصطناعي متزامنة مع الثورة التكنولوجية، وهي المستقبل القادم للصحافة، حيث يتغير التعامل مع تغطية الأحداث والقضايا حول العالم من حيث استخدام أدوات وآليات متنوعة، أسرع وأكثر دقة بعشرات المرات من وسائل التواصل الاجتماعي، ويصبح الاعتماد على أحدث الأقمار الاصطناعية، التي تفوق سرعة الإنترنت فيها الألف ميجابايت، وتعتمد على الروبوتات في تغطية الأحداث والقضايا المنتشرة حول العالم، وخاصة في مناطق الصراع والأزمات، والحروب، والفضاء، والحرائق، وغيرها.

تودي تلك التقنية إلى إعادة هيكلة وسائل الإعلام، بالتالي يصبح الاعتماد الكلي من قبل وسائل الإعلام على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، بمعنى قيام الروبوت بدور العمل الصحفي دون التدخل البشري، ويعتبر ذلك جزءًا بسيطًا من أدوات صحافة الذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت الآن بعض المؤسسات الصحفية الكبرى تستخدم الروبوتات وغيرها من الأدوات في قاعات التحرير الخاصة بها، ويحدث ذلك تغيرات في آلية عمل المؤسسات الإعلامية وإدارتها مع الاستغناء عن العنصر البشري، ويساهم ذلك في تقليل التكلفة وسرعة الإنتاجية، مما سيوثر بشكل إيجابي على المؤسسات الإعلامية.

لذلك يتطلب الأمر من الصحفيين اليوم، مواكبة تلك التطورات التحريرية والتقنية، والعمل على اكتساب مهارات متعددة، ليستطيع إنتاج مادة إعلامية تتطلب العديد من المهارات في نفس الوقت، وإتقان مجموعة من الوسائط المتنوعة لمواكبة تلك التطورات واستمرار العنصر البشري في المجال الإعلامي.