فهم دور المعلم في التَّخطيط

فهم دور المعلم في التّخطيط لإحداث تعلّم فعّال لدى الطلبة

تخطيط المعلم الفعَّال هو الطريق الأمثل لإِحداثِ تَعلُّمٍ تربويٍّ مثاليِّ النتاجات، وهو خريطة الطَّريق الأنجح نحو أهداف مثمرة، فقد لاحظتُ ذلك في خبرتي الأولى في حصة اللغة العربية للصف الخامس (ج)، وكان موضوعها استخراج قضايا لغويَّة من درس بطولات خالدة، والتي صادفت الحصة السادسة من تاريخ (3/12) إذ تعدُّ هذهِ الحصص المتأخرة الأنظمَ والأقلَّ فوضى لأنَّ الصفوف الأولى تغادرُ لانتهاء دَوامها، ما يُعطي المعلمين نوعًا من الهدوء والرَّاحة لعدم وجودِ مُشتتاتٍ ومقاطعة للحصة إلا أن هذه المعلمة كانت لا تَمتلكُ تصورًا مُسبقًا لما ستقوم به في الحصة من أساليب، وأنشطة ووسائل تعليميَّة أو حتى إجراءات لإنجاز الأهداف التربوية المنشودة، فقد برزتْ سماتُ العشوائيَّة والارتجال التي تُطوِّقُ مهام المعلمة إذ دخلتْ إلى التدريسِ مباشرةً دون تهيئة أو تحديدِ تطورٍ واضحٍ أو رؤية ولم ترصدْ بأي شكلٍ من الأشكال الخبرات السابقة للتلاميذ أو تحدد الأهداف التدريسيَّة الحالية، بالإضافة إلى عدم تنظيم الأفكار وتهميش الوسائل التعليميِّة التي تساعد على زيادة التَّشويق والتفكير والتَّأمل الناقد لدى الطلبة، والذي بدورهِ يعمل على توضيح محتوى الدرس ونتاجاتهِ.

الموقف التأملي

لمست بشكلٍ بارزٍ أن المعلمة لم تُخطط للدرس جيدًا؛ لأنَّ هذا الدرس تحديدًا يعدُّ مطاطًا من حيث استخدام المعلم للأَساليب، والاستراتيجيات ووسائل التقويم التي لم تستخدمْ أساسًا في الحصة، فاكتفتِ المعلمةُ بطرحِ سؤالٍ استخراجيٍّ من درس القراءة والاكتفاء بعشوائيَّة الإجابات، ما خلقَ فوضى لعدم وجود خطوات واضحة للدرس خلال الحصة نتيجة عدم فهم المعلم للتخطيط ما أدى لتعلّم عشوائي، واللجوء للصوت العالي لضبط الفوضى الناجمة عن عدم التخطيط الجيد والمُسبق للحصة.

ما أَشعرني بالانزعاج وفقدان شغف متابعة الحصة والملل، وشعرت الطالبات بالإحباط نتيجة الفوضى وعدم تقييم الإجابات من قبل المعلمة أو تعزيز الطالبات، بالإضافة لشعورهنَّ بالتَّشتت لأن القضايا المطروحة لم تكن مُنظَّمة ومرتبطة بالخبرات السابقة، بالإضافة للضياع نتيجة عدم تحديد الأهداف وطرحها أمام الطالبات؛ ليتسنى لهنَّ تنظيم الفهم والإتقان.

كما ظهرَ شعور الامتعاض عندَ نائبة المديرة، عندما طَرقتْ باب الصَّف؛ لتَبحث عن طالبة بناءً على طلبِ وليِّ الأمر ووجدت الصف عشوائيًّا، بين رافضةٍ لإجابة زميلتها ومؤيدة وصارخة وخارجة من المقعد، وتبرَّمت من هيئةِ السبورة من خلال الإشارة بيدها بشكل استفهاميٍّ وتعابير وجهها المُبيِّنة لضيقها بشكل مهذب.

التقييم

ومن خلال تقييمي للموقف التعليمي السابق فإنَّ الإيجابيات بَرزت خلال قيام المعلمة بتحديدِ مهمة بعدية تقوم بها الطالبات في المنزل وتنويهها عن موعد تسليم هذه المهمة ما انعكس إيجابًا على اهتمام الطالبات، وقيامها بالتَّنقلِ بينَ الطالبات للتأكدِ من تسجيلهنَّ للإجابات مع تعديلها للأَخطاء الإملائية.

ومن خلال تقييمي تنبَّهتُ أيضًا لأهمية دور المعلم في التخطيط لإنتاجِ تَعلُّمٍ مؤثرٍ ونافذٍ لدى الطلبة وخاصة أن غياب التخطيط في الموقف السابق، أَفقدَ المعلمةَ ثقتها بنفسها وسبّب تَخبطها في التنقل بين المعلومات، والتنظيم وإدارة المخرجات وتبريرها المُستمر لي أنَّ السبب الجوهري لما يحدث في الحصة هو سوء نوعية الطالبات في هذا الصَّف.

 كما أدى عدم وجود دور قوي للمعلمة في التخطيط التربوي إلى ظهور مَطبات مستمرة خلال الشَّرح وانعدام الوسائل والاستراتيجيات وفهم أنواع التقييم المستخدمة عادةً في الحصص كما أشار (1.1.5) ما أفقدَ سير الحصة الرؤية الحديثة نحو التعلَّم المتمايز وتنويع مصادر التعلم لافتقار الحصة للتخطيط الموجه نحو التأمل والتفكير الناقد كما أشار (2.1.3) وهذا يعود لعدم رصد الأهداف العامة، والقِيَميَّة والتربويَّة مما خالف معيار( 2.2.2 ).

فمن خلال متابعتي لمحاضرة أساليب مبحث، أكدَّ الدكتور مرارًا على أن التخطيط ودور المعلم المركزي فيه هما الحجر الأساس والوقود الذي يَحمل العمليّة التعليميّة نحو أهدافها المرجوَّة والمرصودة من قبل وزارة التربية والمدرسة والفصل والعام الدراسيِّ بأكمله، كما أفردت الجامعة في دبلومها العالي وحدة كاملة مُفصِّلة للتخطيط بكلِّ مراحلهِ وهذا ما انفردتْ لأجله العديد من مؤلفات الأدب التربوي ومنها ما ذكرهُ (فهمي، 2008) والذي أكدَّ من خلالهِ على ضرورة تحديد الأهداف العامة والخاصة؛ لتطويرِ الخدمات التعليميَّة.

 أما أحد أهم التحديات التي برزت في الموقف السابق، فهو وضع تخطيط يُلبي احتياجات الطلبة المعرفية والمتمايزة ويراعي الأعداد الكبيرة في الصَّف الخامس وينظم الأفكار والأهداف ويرصدُ المُحققَ منها ويطبق أداة تقييم على الأقل وهذا يطابق تمامًا (2.1.1) بالإضافة لعدد الطالبات الكبير والوقت القصير للحصة السادسة.

التحليل

ومن تحليلي للموقف السابق، فقد سارَ غلقُ الحصة جيدًا من خلال تكليف الطالبات بمهمة بعدية وربطها بمادة التربية الإسلامية من خلال تأليف جملٍ اسمية من إنشاء الطالبات بشرط أن تَحمل خُلقًا إسلاميًّا وردَ في كتابِ التربية الإسلامية للصف الخامس فقد كان غلقًا أكثر انسجامًا مع الأهداف التربوية، رغمَ الحاجة لتقييم خِتامي للحصة ذاتها.

أيضًا من تحليل الموقف السابق، فقد سارت حصة الاستخراج بشكلٍ عشوائيٍّ لا يتضحُ فيه دور المعلم وتخطيطهِ ما أدى إلى إحداث تعلّم بسيط وسطحي وصعوبة في إدارة الوقت وعدم تفعيل للأساليب والاستراتيجيات مع تهميش التعلّم النشط والذي يعدُّ فعالًا جدًا لهذهِ المرحلة العمرية وهذا يخالف (2.4.2). وأيضا حلَّلتُ من هذا الموقف أنَّ المعلمة لم تحقق الترابط بين عناصر الخطة من نتاجات، وأساليب، وأنشطة وتقويم، ما حدا بالطالبات إلى الانشغال بالثرثرة عن سير التعلَّم وهذا يخالف تمامًا (2.4.1).

الاستنتاج

وممَّا استنتجتهُ في هذه الحصة أَنَّني لو كنت مكان المعلمة السابقة لعملتُ على فهم دوري في التخطيطِ للحصة وتطبيقهِ من خلال البحث عن أكثر الأساليب والاستراتيجيات فعاليّة للفئة العمرية كما أشار ( 2.1.2)، ولجعلتُ من التعلّم التعاوني والتبادلي وسيلةّ للوصول للمعرفة الذاتيّة، لما له من دورٍ كبيرٍ في الصفوف ذات الأعداد الكبيرة، ولرصدتُ النتاجات بشكل تربويٍّ وعرضتها قبل البدء بالشرح وتأكيد ما تمَّ منها نهاية الحصة، ولقمتُ بالتقييم لأنه الوسيلة التي تُتيح للمعلم التأكد من أهدافه، ولَطبقتُ شيئًا من استراتيجيات التعلم النشط خاصة أنَّ طالبات الصف الخامس كثيرات الحماس والحركة، كما يجبُ عليَّ تعزيز الطالبات خاصة لكونهنَّ صغيراتٍ وإعطاء الباقي فرصة أُخرى من خلال طرق متنوعة منها مثلًا: تقويم الأقران، ولفعَّلتُ تهيئة تناسب الدرس وتجعل الطالبات يلجأنَ للتفكير والتأمل وعرض أفكارهنَّ عن طريق العصف الذهني، ولجعلتُ من لعبة ساعي البريد وسيلة لتقييم وغلق أكثر تفاعلًا.

وإنّ أهم ما يُستفاد منه في هذا الموقف التعليمي وخبرتي المدرسيّة الأولى يكمنُ في إدراك وتطبيق دور المعلم المحوري في التخطيط للحصول على تعلّم مثالي وهذا ما أشار له (فهمي، 2008) أيضًا، فحتى لو كان المعلم عاجزًا عن تحقيق ذلك بإمكانه الالتحاق بدورات متعددة جدًا تعلمهُ التخطيط الفعّال في كلّ مراحلهِ وهي مُتاحة من قبل وزارة التربية والجامعات وحتى المدارس، فقد التحقتُ في خبرتي الأولى بواحدة منها، أو الاستعانة بإحدى الزميلات الموجهات أو الخبيرات بالتخطيط أو الاستعانة بالإدارة، فكما أنّ التخطيط معبر النّجاح في الحياة كلها، كذلك تبرزُ أهميتهُ الأساسية في التعلّم الفعّال بحيث لا يمكن للطلبة الوصول لقمة الأهداف التربوية والقِيَميّة المرصودة في رؤية الوزارة وفلسفتها دون وجود تخطيط متكامل لكافة المراحل، فكلُّ دقيقة تخطيط توفرِ علينا عمرًا من الوقت والجهد المهدور.

خطة العمل

لذلك وتطويرًا لخبراتي السابقة، قمتُ بالاطلاعِ على كتاب التخطيط التَّربوي المعاصر النظرية والتطبيق للدكتور صالح أحمد عبابنة، وقمتُ بعمل خُططٍ يوميَّة وتحليل محتوى مع أَخذ التغذية الراجعة عليها من الدكتور والمعلمة الموجهة، وقمتُ بالاطلاع على الخطة الفصلية، وتحليل المحتوى ودفتر التحضير لدى معلمة الصّف السابع لمادة اللغة العربية والمعلمة الموجهة لمادة الرياضيات؛ ليتسنى لي المقارنة. كما قمتُ بالأَنشطة الموجهة والمُتضمنة عمل خططٍ وإِرفاقها بملف الدبلوم، كما سأتابعُ محاضرات التخطيط في الدبلوم باهتمامٍ وبحثٍ وتقصٍ لأَي معلومة لم أُدركها جيدًا. لفتَ نظري أيضًا كتاب التعليم الأَوَّلي بين التخطيط والتدبير والتقويم للدكتور جميل حمداوي، سأَقوم بقراءته وتلخيصه، كما حصلتُ على تغذيةٍ راجعةٍ من قبلِ المعلمة حول سير تخطيطي للحصص التي قمتُ بتنفيذها في خبرتي الأُولى، كما أَنجزتُ دورةً تدريبية بعنوان (الإنماء المهني، الأَهداف والتطلعات) وهي مبادرة لتدريب مليون معلم ومدرب مع الدكتور محمد مجدي عبر تطبيق تيمز، وحصلتُ على شهادة مشاركة سعيًا للوصول لمعلم حاملٍ نهج ورؤية الجامعة الأردنية على أكمل صورةٍ.

المراجع

  • فهمي، محمد. (2008). التخطيط التعليمي أسسهُ وأساليبهُ ومشكلاتهِ. الناشر مكتبة الأنجلو المصرية.
  • معايير المعلمين. (2023م). الجامعة الأردنية.