عمال على الرصيف راقدون

مرة أخرى يثبت لنا المتحكمون في أنفاسنا أننا بالنسبة لهم لا نتعدى أوراق الشجر التي تتساقط في فصل الخريف، وتجرها الرياح إلى حيثما تريد، حتى تصبح أجزاءً متناثرة هنا وهناك، وعندها لم ولن تقوم لنا قائمة ثانية. الخطة أحكمت حلقاتها بكل قوة ممكنة فقد استعانت فئة ضالة بشياطين الإنس الذين لا يدخرون جهدًا في تحطيم ما بقي من الكرامة وعزة النفس.

امتزاج الطبقات

المعادلة كبيرة والخطر قريب والوصول إلى نقطة اللاعودة يتطلب الطرق على الحديد وهو ساخن، ملفات فارغة تسلط عليها الدعارة الإعلامية وملفات قومية يضعون عليها أطنانًا من الركام لكي تختفي عن الأعين وتنسى، أيها العمال والفلاحون والمثقفون وكل ما ينتمي للطبقة الوسطى التي سقطت وامتزجت مع الطبقة الأدنى نقول لكم بكل شجاعة إنكم لوحدكم لن تحققوا شيئًا مع انفصال الأغلبية عنكم سواءً بإرادتهم أو غصبًا عنها. اللعبة تقتضي القضاء على كل جهة على حدة، والكؤوس المملوءة بالمرار سوف تمر علي الجميع فلا تقلقوا فالكل محتسيها لا محالة إلا إذا تحرّك واتخذ القرار الصعب.

تاريخ بناء المصانع والصروح

لو يدري من أقام الصروح دعمًا للعمال المطحونين، ورفعة شأن الكرامة الوطنية والاستقلال بالذات، وسن القوانين الناصرة بعيدًا عن مفرمة الكبار من المستعمرين والطبقة العليا المنعزلة في وادٍ آخر من الملذات، والشهوات، والموبقات بعدما كونت ثرواتها من قوت الأغلبية، وأنينه،ا وصراخها وفراغ بطونها. لم يكن أحدٌ يتخيل يومًا أنه سيأتي من هو من بني جلده لكي يقوم بسلخه عن الجسد الأم لوضع أسس أكثر حماية وحصانة ضد من يقومون بتشويه التاريخ، والنيل من الشرفاء، والجور على الفقراء والمساكين والمحتاجين. رأس الهرم هو من يتحكم في خيوط اللعبة كاملة ولا عزاء للكومبارسات المنفذين لهذه العملية الخسيسة البعيدة كل البعد عن حقوق العمال ومصالحهم، ورغم رضاهم بالقليل مما هو متاح، وتمسكهم بتاج القناعة والزهد في طلب المزيد لهم، ولأبنائهم، وأسرهم، وذويهم ومن هم على كاهلهم.

على من تعود الفائدة؟

لمصلحة من التصفية المادية والمعنوية؟ نقولها بكل صدق إنكم تدعمون كل رجال الأعمال غير الأمناء عندما يطلبون الدعم بل في بعض الأحيان تسارعون من تلقاء أنفسكم في تقديم أكثر مما يحلمون. ولكن، بالنسبة لهؤلاء العمال البسطاء فالقفز على جثثهم مبدأ الأسود في الغابة، اختل التوازن الوطني والمجتمعي وأصبح مكاسب شخص واحد أو مجموعة لصوص دستور عملكم المشين فوق قليل من الزاد لهؤلاء العمال البسطاء، هل انتهى شريط الوجع من حساباتكم وأصبح التقدم والتنمية غير الآدمية هي القضاء التام على هذه الطبقة إلى الأبد، ولكنكم تنسون أو تتناسون أنه بعد إتمام عملية الدهس هذه على من ستحكمون وتتحكمون، وتتفاخرون وتستغلون.

آثار عجلات القطار

القطار السريع وبال على الفقراء بلا شك، وبلا تقديم المعطيات فالنتائج تظهر حتى قبل بداية الرحلة للقطار ومصيره الخروج المبكر على المعاش. لأول مرة في التاريخ يحمل القطار الهواء وينقله من مكان لآخر والركاب الحقيقيون على الأرصفة راقدون. عجلات القطار قاصمة بكل غلظة ممكنة على ظهر الأغلبية الذين لا حول ولا قوة لهم. شرارة الحق سوف تنهش غيلان المادة وعروش الطغيان، أجرنة القمح ستكون في النهاية للبسطاء رغم أنف أصحاب الوسية الأوغاد الواهمين الضالين المضلين.

أهمية الأفكار والرؤى

لولا الكلمة الصادرة من قلب شجاع وعقل سديد يفند الأمور بكل موضوعية، لنام الطغاة في ثبات تام. ولكن هذه الكلمات البسيطة في حروفها العميقة في معانيها تجعل نومتهم غير هنيئة بالمرة. تتقلب جفونهم مرارًا وتكرارًا. تحاصرهم الكوابيس القاتلة طوال ليلهم رغم تمرغهم عن الحرير وتنعمهم بالموبقات، والشهوات، والمغريات والثروات بالنهار والليل.

 الأمل في المستقبل

يكسونا الأمل في غد يسطع فيه الفجر وتتمدد أشعة الشمس في كل الأرجاء، وينير القمر ظلام ليالينا الشديدة والحالكة السواد، السكون والسكوت يغر المتملقين ويظنون امتلاكهم القمر. قد إمتلكوه ولكن هيهات من فورة البركان التي أستشعر تكوينها واستعدادها لكي يصل اللهيب الشديد لفوهة البركان. قاعدة بسيطة جدًا لمن يتمعن، فمن يحكم الآلاف ليس كمن يحكم الملايين، فالآلاف قد تسهل السيطرة عليها، أما الملايين فلو بدأ المليون الأول فقط التحرك من داخله وشد الهمم ونطق النية سرًّا وتوكل على الله واحتسب أجره على الله تعالى. الأمر بالشورى وتواجد الخطط والاستفادة من أخطاء الماضي، هذا نداء مستنير فكونوا على يقين من أن الحركات لا تنجح في بضع سنوات أو عقود، فقد تمتد لقرون لتتضح الصورة وتصبح جلية أمام مرأى الجميع.

النهوض من براثن الجهل

أوروبا غابت في الجهل والتخلف لقرون واستفاقت. أما آن للعالم العربي أن يستفيق هو الأخر وينهض من كبوته التي طالت وتعلو كلماته وقراراته العالم الحر. لم ولن يستطيع أي كان أن يوقف تمدد الحشود وزحفها بالملايين، لو خاف المسلمون الأوائل من فرط قوة الكفار وأعدادهم لما انتشر وساد العالمين. الإلقاء في التهلكة ليس معناه الخوف، والسكون، والخضوع، والقنوع، والسكوت والرقود، وإنما في سبيل الدين والحفاظ على الأوطان ذلك شأن آخر.

نهاية الظلم والظالمين

الظلم مهما طال فساعة الحق قادمة لا محالة، فالعيش ولو بضعة أيام محكومة بدستور العدل أحب للنفس من هوانها وموتها دون أن تشعر بلذاته، فليس منا من لم يهتم بأمر الناس وعاش لنفسه يأكل ويشرب ويرعى أولاده، فالإنسان خُلق كريمًا ولا يتساوى قطعًا بحياة الغابات التي يريد بعضٌ من بني البشر أن يقيموا حدودها على الإنسان، فالقوانين هناك صعب تحقيقها هنا إلا بمساعدة البشر أنفسهم لها واستقبالها بكل ترحاب وارتياحية، أحلام البسطاء والمهمشين والأبرياء أرادوا قتلها في مهدها وجعل الفكرة صادمة خوفًا من مناظر الدماء والسحل والقتل والتعذيب والتنكيل السابق والتهويل مما قد يحدث في المستقبل. ولكن أقول لكل امرِئٍ خاف وارتعب وارتعش لا بد من الصمود في وجه الرياح العاتية من أجل النجاح وتحقيق الآمال.

نتائج التضحيات

لا يوجد هدف أسمى دون التضحية والفداء حتى آخر نفس وما زالت الروح تسكن داخل الإنسان ترفض الموت جبنًا. المنتجعات الفاخرة مهما شيدوا منها فلن تكفي المليون شخص فما بال الملايين الباقية. كونوا على اليقين فجميع العصابات مهما استفحلت واغترت بقوتها وسلاحها وصولجانها أمام طوفان البشر سوف ترفع الرايات البيضاء، فهم يدافعون عن ألوان الدم والطين ولا بد في النهاية أن تتحد مع الأرواح المتدافقة حبًّا وايمانًا وأملًا وإصلاحًا. أما قوة الدرك فهم في صولاتهم وماضيهم ساكنون ولكنهم واهمون فكلما تمكنوا من إخماد النيران الناشئة تبعتها وظهرت النيران الجديدة في مكان آخر حتى ضعفت قواهم على صد الأخطار.

الصبر والدعاء

"يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ". دعونا بالصبر على هؤلاء نجمع قوانا وسنسترد عافيتنا ونستنزف أفكارهم الشريرة، وماضون لآخر العمر، ثابتين وواثقين بأن نصر الله قريب، لزامًا علينا أن نستعد بكل قوة للمستقبل ليس لنا فقط ولكن للأجيال القادمة التي نترجاها من الله مختلفة عما نعيشه الآن وأن تلحق بنفسها وتتبع الطريق السليم بعيدًا عن المكر والخداع والخيانة وحب النفس، وأن تكون زاهدة في الحياة وهمها الاول والأخير نصرة دينها وإنقاذ أوطانها، وأن تستفيد من كلمات وأفكار ورؤى من سبقها والله بصير بالعباد، يعلم ما بأنفسنا ولا نعلم من يخبئه الله تعالى لنا، فسبحان الله عما يصفون حتى لو كان مكرهم لتزول منه الجبال، فالله هو المنتقم الجبار.