3 نصائح تساعد المبتدئين في كتابة المحتوى على النجاح

 كنت أعلم أني يومًا ما سأصبح كاتبًا، لكن كيف؟ ومتى؟ لا أعرف بالضبط. أنظر إلى عالم الكتابة بشغف واهتمام، ولا أضيع فرصة تتيح لي التعلم عن هذا الفن الإبداعي الفريد. وشيئًا فشيئًا أصبحت أترك خاطرة هنا وقصيدة هناك، ثم قصة، وتلاها مقال، وها أنا أكتب لك الآن. "الهاوي الذي يضع رجله في أول طريق الكتابة وكيفيتها يبدأ مرحلًة من الهوس الكتابي -إن صح التعبير- ستلازمه طوال عمره، ويصبح إنسانًا آخر؛ لا تفوته عبارة، لا يضيع اقتباسًا، يشتري كتبًا يعلم بأنه لن يقرأها، ينظر بين السطور بحثًا عن معنى. ينظر للكلمات على أنها سحر عظيم سُخّر للإنسان ويجب أن يستغله."

ما أريد قوله: إن سؤالك "كيف أبدأ كتابة المحتوى؟" سيضعك على الطريق الصحيح، وسيوصلك إلى وجهتك، وعليك التحلي بالصبر والاستمرارية. لا أقول لا تقلق؛ لأن القلق وعملية الكتابة وجهان لعملة واحدة. في عالم الكتابة كلما شعرت بالقلق والفضول وزادت تساؤلاتك فاعلم أن فيك مشروع كاتب، وأما إذا كنت خالي البال، مرتاحًا، فاعلم أنك تمشي في الاتجاه الخاطئ الذي سيقتل إبداعك في نهايته.

ما هي كتابة المحتوى؟

حسنًا، دعنا أولًا نعرّف ماهيّة كتابة المحتوى؛ لأن فهم تعريفها سيسهل علينا فهم متطلباتها ومن ثم نصل إلى جواب سؤالك كيف أبدأ في كتابة المحتوى؟ تنقسم كتابة المحتوى إلى فئتين رئيسيتين: المحتوى قِيَمي، والمحتوى تسويقي.

المحتوى القيمي

هو المحتوى الذي يهدف إلى إضافة قيمة للجمهور سواءً أكانت قيمة تعليمية، أم اجتماعية، أم تحفيزية، وحتى ترفيهية. مثال: المدونات التعليمية، والجهات الحكومية كوزارة الصحة مثلًا، والمسابقات، والإحصائيات .. إلى آخره.

المحتوى التسويقي

هو المحتوى الذي يصف مميزات المنتج أو الخدمة وأسعارهما ويحث الشخص على اتخاذ إجراء مثل الشراء أو الاشتراك أو كما يقول المثل الشعبي "اللي ما يشتري يتفرج" بحيث تلفت انتباه الشخص وتقنعه بأن هذا المنتج سيحل مشكلة لديه. مثال: وصف المنتجات، وصفحات الهبوط، والمنشورات الإعلانية، .. إلى آخره.

إذًا، نستنتج أن كتابة المحتوى هي صياغة أفكار وكلمات موجهة لتحقيق هدف معيّن. لنحلل هذا التعريف قليلًا كما يلي:

  • صياغة أفكار وكلمات = ترتيبها وتنسيقها ضمن قالب وشكل مناسب،
  • موجهة = تستهدف فئة معينة من الناس،
  • لتحقيق هدف = أي لتحقيق الغاية المرجوة من هذه الكلمات والأفكار،
  • معيّن = هدف ذكي محدد وقابل للقياس.
اسئلة مهمة في كتابة المحتوى

 

كيف أبدأ كتابة المحتوى؟

أتفهم سؤالك وأشعر بما تمر به بسبب غموض الوجهة، أعلم أنك تسأل هذا السؤال بحثًا عن منهج واضح أو مرجع ثابت تعود إليه كلما انحرفت عن المسار، وترشحه لكل تائه يبحث عن إجابة مثلك. ولكن الحقيقة يا صاحبي -رغم مرارتها- يجب أن تقال: لا يوجد منهج محدد وثابت يناسب الجميع، محال، ربما في عالم مثالي ولكن ليس هنا حتمًا. في البداية أنت لست بحاجة لمنهج بقدر ما أنت بحاجة إلى تطبيق مباشر، جرب ثم جرب فالتجارب خير معلم. 

كيف أبدأ؟ سؤال يتكرر بشكل دائم وجوابه ثابت لا بديل له، ابدأ من حيث أنت، ابدأ بما لديك، فلنتفق على نقطة البدء وحسب. ماذا لديك؟ ورقة وقلم؟ جوال؟ لوحة مفاتيح؟ أيًا كان ما دام يفي بالغرض فهو ممتاز. أريدك الآن أن تبدأ التطبيق المباشر بالإجابة عن هذه الأسئلة؛ لأنها ستساعدك في توضيح معالم الطريق الذي أنت بصدده:

  • نبذة عنك: من أنت؟ مؤهلاتك؟ اهتماماتك؟
  • ما هو المجال الذي تريد أن تركز عليه في كتابة المحتوى؟
  • لماذا تريد أن تكتب؟
  • ما الهدف من ذلك؟
  • من هم جمهورك المستهدف؟

لا تفرط في اتباع النصائح

الإفراط في اتباع النصائح من الأمور التي تشغل الكتّاب المبتدئين عن تحقيق تقدم ملموس، إذ يشرع في عملية الكتابة وبجانبه درزن من الورق المسطر بالنصائح التي جمعها من كتب شتى، ويحاول أن يكتب نصًا احترافيًا وفق هذه النصائح، ولكن هذه الاحترافية أمر محال الوصول إليه في البدايات، والأسوأ من هذا أولئك الذين يريدون كتابة نصٍ مثاليٍ بحجة أنهم يمتلكون الموهبة والقدرة. لا تنخدع بمثل هذه الشعارات الواهية، بل ركز على الإنجاز ثم الجودة لاحقًا؛ أنت في مرحلة تعلم وتطوير فأريد منك أن تنسى أمر الموهبة، وتركز على الممارسة والتدريب.

"في بادئ الأمر، لن تكتب بشكل جيد. ستبدأ بكتابة الحماقات التي تظن أنها رائعة، ثم تأخذ كتابتك في التحسن شيئًا فشيئًا".

هناك بعض الأمور من المهم تعلمها في البدايات مثال: كيف أكتب عنوانًا جذابًا؟ كيف أنسق المحتوى؟ تعلم الأساسيات فقط، ولا تشغل بالك بالكماليات.

جرب الكتابة الحرة

الكتابة الحرة هي تقنية من تقنيات عملية التهيئة "ما قبل الكتابة"، فيها يكتب الشخص لفترة من الزمن دون الاهتمام بالإملاء أو قواعد النحو أو حتى جوهر الموضوع. يعني أن تشرع بالكتابة دون أية قواعد تحكمك أو أفكار تقيدك. مثلًا، في بداية الصفحة تكون تكتب عن كتابة المحتوى وتختم نهاية الصفحة بالكتابة عن شكسبير. هذا الطريقة تنفع لجمع الأفكار فقط لا لكتابة مسودة موضوع معين، فهي عشوائية ولا تربطها فكرة واحدة.

وأذكر هنا ما قاله القصصي دونالد بارتلمي: "الكاتب هو ذلك الشخص الذي يشرع في مهمته وهو لا يعرف ما الذي ينبغي أن يفعله على وجه الدقة".

بالنسبة لي، أبدأ الكتابة وفكرة ما تدور في رأسي كنت قد حضرت لها سابقًا وقرأت عنها. وهذا يأخذنا إلى نقطة مهمة وهي الأفكار ومصادر الإلهام.

مصادر الإلهام

كيف أجد فكرة لأكتب؟ "ما عندي أفكار؟" أو "ما في إلهام؟". هذه من التعليقات والتساؤلات التي أراها لدى المهتمين بالمجال الإبداعي بشكل عام والكتابة بشكل خاص.

أولًا يجب أن تفهم أن الإلهام ليس أمرًا يمكن استدعاؤه متى شئت، والأفكار ليست مجموعة حبات دونات 🍩 في علبة تختار منها ما تشاء. أرى أن الإلهام أو دعنا نسميه الأفكار الجيدة هو نتيجة تراكم أو ترابط معلومات أو خبرات موجودة في عقلك فحاول ما استطعت أن تملأ عقلك، وهناك خمس طرق أُفضلها لفعل ذلك: الكتب، يوتيوب، بنترست، البودكاست، الاطلاع على أعمال في نفس المجال. لا تهدر فرصة لتعلم شيء ما، فالمعرفة وقود الكاتب.

عندما تجد أن فكرة ما انبثقت في داخلك، بإمكانك كتابة ملاحظة تذكرك بها لاحقًا، لا تذهب مسرعًا لكتابة موضوع حولها، تمهل اترك الفكرة تطهى جيدًا في عقلك، وتترابط مع ما تملك من معلومات. اترك الفكرة تتشكل حتى تخرج بشكلها النهائي الذي ترى أنه يغطي كل جوانب الموضوع. الأفكار الجيدة لا تختفي بل هي موجودة في مكان ما في داخلك وستظهر في الوقت المناسب.

وأكيد بما أنك تستعد لمشروع كاتب فلا يجب أن تنسى دفتر الأفكار، أو كما أحب أن أسميه صندوق الطوارئ. وهو مجموعة من الملاحظات التي دونتها، بالإضافة إلى مصادر أو عناوين موضوعات ومنشورات أعجبتك سابقًا.

أين أكتب؟

هناك الكثير من الخيارات في إجابة هذا السؤال:

  1. أولها: اكتب في حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي. 
  2. ثانيًا: مواقع النقاش مثل كورا أو ريديت. 
  3. ثالثًا: أن تنشىء مدونتك الخاصة وتنشر فيها باستمرار وحاول قدر الإمكان جعلها كتابات متخصصة في مجال معين ضمن استراتيجية محددة بدل الكتابات العشوائية. 
  4. رابعًا: أن تكون مدونًا ضيفًا، أي أن تكتب تدوينة وتنشرها على موقع ليس لك، ولكنه يقبل أن ينشر لك بهدف الترويج لنفسه. التدوين الاستضافي خطوة مهمة لكل كاتب مبتدئ بحيث أن الموقع المضيف لديه الجمهور الذي تحتاج وأنت لديك المحتوى الذي يريد والجميع مستفيد. فعليك البحث عن منصات التدوين التي تسمح لك بالكتابة لها واحرص أن تكون المدونة ضمن المجال الذي تريد الكتابة عنه، وإن لم تحدد مجالك بعد فلا بأس؛ هناك منصات تدوين متنوعة المحتوى تسمح لك بالكتابة في مجالات شتى وبدون قيود، ما يتيح لك الفرصة لتجريب الكتابة في مجالات متعددة. منصات التدوين هذه يجب أن تكون محطتك الأولى في عالم الكتابة؛ بإمكانها إثبات قدرتك الكتابية ومدى تسلسل أفكارك وقوةتها، كما أنها إنتاج فكري يحفظ لك.

تحظى كتابة المحتوى بأهمية كبيرة في عالم التسويق فهي تمثل العمود الفقري للعلامة التجارية، وهذا يجعلها مهاراة مطلوبة. بشكل عام كتابة المحتوى بمختلف مساراتها مجالٌ مربح؛ لأنه لا يمكن للجميع العمل فيه؛ فمهمتك ليست سهلة، ولكنها حتمًا تحمل لك درسًا جديدًا أو قيمةً في طياتها تستحق العناء من أجلها.