من وحي "طاهر أبو علة".. التلعثم بين الفن والواقع

"ع ع ع ع عاااوزة حاجة يا حاجة؟". هكذا حاول طاهر الشهير (بأبو علة) بطل مسلسل الوتد وبصعوبة شديدة أن يوجه هذا السؤال للحاجة فاطمة تعلبة. ربما لم يكن هناك طبيب أمراض تخاطب إبان تلك الفترة ليحسم الجدل في علّة طاهر ويصرخ في الحاجة فاطمة وأولادها ليتوقفوا عن صنع تلك العلة التي ربما لم يعرفوا لها اسمًا من قبل برغم أنهم صانعوها وليس طاهر.

ما هو التلعثم؟ 

التلعثم، أو "التهتهة" باللهجة المصرية الدارجة أحد أشهر أمراض التخاطب والذي تتشعب أعراضه وتختلف من شخص لآخر بناء ً على عدة عوامل سنتطرق لها في السطور القادمة. وكتعريف بسيط يمكننا القول أن التلعثم: هو خلل في آلية الكلام التلقائي السلس؛ تتحول فيه الكلمات من كتلة واحدة إلى أحرف أو مقاطع يتم تكرارها بشكل ملفت للانتباه ما يعيق المتلعثم عن استكمال حديثه. إذًا، التلعثم كان علة طاهر فكيف كانت فاطمة تعلبة هي من صنعتها؟

ما هي أسباب التلعثم؟

ربما إلى الآن لم يتفق العلماء على سبب واضح للإصابة بهذا المرض، ولكن حاول الكثير منهم وضع نظريات عدة بهذا الشأن، منها من يقول أن التلعثم وليد الكبت النفسي والضغط من المحيطين وخاصةً في محيط الأسرة؛ ما يجعل الطفل عرضةً للإحباط الشديد وبالتالي الدخول في دائرة مفرغة، فالإحباط يؤدي للتلعثم والتلعثم يؤدي إلى الإحباط وهكذا. فالبيئة المحيطة بالطفل في أحيان كثيرة تكون هي سبب المرض أو "العلة" كما في عرف الحاجة فاطمة تعلبة وأشباهها من النساء اللواتي لا يجدن التعامل مع أطفالهن فيتسبّبن دون قصد منهن في إيذائهم وإلحاق الضرر البالغ بهم. يقول أحد علماء التخاطب، أن التلعثم يبدأ في اللحظة التي يتم تشخيصه فيها وليس قبلها، أي بمجرد إحساس الطفل بالوصمة أو بوصفه متلعثمًا، مع التعامل الخاطئ من ذويه. 

بعض النظريات الأخرى تشير إلى أن التلعثم يرجع إلى اختلال في وظائف الدماغ أو تصارع نصفي المخ على السيطرة على مركز الكلام. أو ربما يرجع لعوامل هرمونية أو كيمائية في الدم أو لاكتساب الطفل خبرات سيئة يصاحبها التلعثم، فكلما تكررت تلك الخبرة السيئة أو الإحساس المؤلم تكرر معه التلعثم كنوع من أنواع الارتباط الشرطي. أو ربما تلك العوامل جميعها في نظرية واحدة هي السبب في التلعثم. حاولنا البحث في سبب علة طاهر، إذًا، ما الأعراض؟

أعراض التلعثم

"ع ع ع ع ع ااااوزة ح ح حاجة يا يا يا حاااااااجة؟". ربما عن طريق هذا السؤال يمكننا استخراج الكثير من أعراض التلعثم. التكرار، سواءً في حرف واحد أو مقطع واحد بداخل كلمة أو الكلمة بأكملها، مط الأحرف كما في "عااااااااوزة"، بالإضافة للكثير من الأعراض المصاحبة التي تزيد بزيادة شدة المرض وتوغله والتي يمكننا أيضًا رؤيتها على صديقنا طاهر، كشد عضلات الوجه والفكين والرقبة بصورة ملحوظة وتجنب النظر في أعين الشخص أثناء المحادثة وحركات الأرجل المتزايدة أو كما نسميها  "الدبدبة على الأرض"، ربما يصاحب هذا أعراض كتزايد ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم نتيجة للإجهاد الشديد. قد يخلط البعض بين تلك الأعراض المصاحبة للتلعثم الشديد والتشنجات أو الأمراض العصبية ما يؤخر التشخيص ويجعل المريض عرضةً لتأخر البدء في العلاج. إذًا، ابني يعاني من تلك الأعراض، ماذا عليّ أن أفعل؟ 

علاج التلعثم ودور الأسرة في ذلك

أولًا لا تكوني مثل الحاجة فاطمة تعلبة وتوخي الحذر! لا تجعلي طفلك عرضةً للسخرية من أقرانه أو إخوته، ولا تشعريه بأنه معاق أو عالة أو مريض بلا علاج، بل احتويه وقدمي له الأمان الكامل والطمأنينة الكافية ليكسر الحلقة المفرغة من الإحباط والتلعثم ويبدأ أولى خطوات العلاج. لا تضغطي عليه في تصحيح كلامه ولا تظهري انزعاجك إذا تلعثم أمامك أو أمام الناس ولا ترهقيه بالأسئلة الكثيرة المتتالية، وكوني حريصة على النظر في عينيه مباشرةً أثناء تبادل الحديث، وقومي بتنبيه معلميه في المدرسة بأن يفعلوا مثلك. وعليكِ بالطبع بزيارة عيادة طبيب أمراض التخاطب للوصول إلى التشخيص النهائي والبدء في جلسات العلاج.

وختامًا

فإذا تعثر الفن في إيصال الرسالة، فيجب علينا التوضيح والتقويم لنصل إلى المسار الصحيح. فالتلعثم ليس وصمة وطاهر ليس "أبو علة". لا تكوني تعلبة حتي لا يكون طاهر ! 

المصدر العلمي

كتاب Fun with Fluency للمؤلف: Barry Guitar