لماذا أفضل أن أكتب مشاكلي في دفتر عوضًا عن قولِها لأعز أصدقائي؟

"أشعر بأن الدنيا لا تسَع حزني". بمجرّد أن نتلفّظ بهذه الكلمة، ينصحنا الناس بالتحدّث عن مشاكلنا أمام شخص نلجأ إليه عادة ونثق فيه، وذلك لما يتركه هذا الفعل من ارتياح في نفوسنا، فنشعر أننا ألقينا العبء كلّه عن ظهورنا ووضعناه بأمانة عند الآخر.

ولكن، ماذا لو كانت مشاكلنا أكبر من أن نشاركها مع هؤلاء الأشخاص؟ كأعز أصدقائنا أو عائلتنا أو أحبابنا؟

وماذا لو كان شعور الارتياح الذي يشعر به الناس عادة عند إجرائهم هذا الحديث لا يُراودني؟ بل يحلّ محلّه شعور بالذنب وانعدام الأمان من أنني شاركت سرًا ما وأصبح بعهدة شخص لا حكم لي عليه؟

مئات الأفكار قد تراود مَن هُم مثلي، ولكن يبقى التفريغ حاجة إنسانية يجب علينا أن نمارسها بين حين وآخر.

فما الحل؟ بالتأكيد هو: الكتابة. لذا إليكم 4 أسباب تجعلني أتوجه وبكلّ ضمير مرتاح إلى كتابة مشاكلي وأفكاري عوضًا عن مشاركتِها مع أعزّ الأشخاص في حياتي.

أولًا: لأنها مساحة آمنة

لا يستطيع أحد تخيّل العبء الذي نرزح تحته عندما نحاول أن نتكلّم عمّا يشغل بالنا عندما نحاول أن نرتّب الكلمات من دون أن نجرح أحدًا، وكيف نجاهد لنعثر على الصيغ الصحيحة الدبلوماسية التي تُفهم بأفضل طريقة ممكنة، فيغدو فعل التكلّم عن المشكلةـ، مشكلة أخرى بحدّ ذاتِها!

ولكن كتابة مذكرات يومية هي فرصة لنا لنعبّر عن أنفسنا من دون خوف مما قد يعتقده الآخرون، ومن دون تردد حول الأحكام المسبقة التي نخشى أن يُطلقها الآخرون ليضعونا تحت أحكامِها.

تخيل الآن معي أنك تمسك الورقة والقلم وتكتب فيها مشكلتك أو أفكارَك، مهما كانت غريبة أو مليئة بالعصبية أو الطاقة السلبية، من سيحاسبك عليها؟ ومن سيفرض عليك ما تكتبه وما تمحيه؟ لا أحد. 1

ثانيًا: لأنني انطوائية - Introvert

دعوا الأحكام المسبقة وقيود المجتمع جانبًا، ودعونا نتحدّث بصراحة عن صعوبات التواصل التي قد يواجهها الشخص الانطوائي!

من أصعب المهام التي يواجهها الشخص الانطوائي هو اضطراره للحديث مع الآخرين، خاصّة إذا كان هذا في بيئة غير مريحة، ألا تذكرون كيف نتفادى أن نصعد في المصعد مع أشخاص لا نعرفهم؟

ثالثًا: لأن الناس يفكرون في صور، وليس بكلمات

مجدّدًا، دعونا نغض النظر عن فكرة الانطوائية، حتى أكثر الناس انفتاحًا وطلاقة في اللسان قد يواجهون مشاكل في التعبير عن ما يراودهم.

فبطبيعتنا كبشر، بحسب جامعة هارفرد، نحن نفكّر بشكل صور أوّلًا، أي أننا نفكر بالصور وليس بالكلمات، ولكنّ هذه الصور بحاجة إلى ترجمة، وهذا يعني أن عملية الكلام والتواصل تمرّ بمرحلة إضافية. 2

ولأن المشاكل تقيّد اللسان بشكل إضافي، ولأن ترجمة التفكير إلى صور أمر يتطلّب التركيز والطاقة، قد يكون اللجوء إلى الكتابة هو الحل الأمثل والأكثر راحة.

رابعًا: لأنها قابلة للتغير والتصحيح

تخيّل شعور الندم الذي يراودك حين تكون في أوجّ بوحِك عن مشاكلك وتتلفّظ بكلمة في غير مكانِها؟

بوحك بأفكارك للورق لا يعرّضك لهذه الحالة أبدًا، فكلّ ما نحتاج إليه في هذا الوضع هو ممحاة أو "شحطة قلم" لنتخلّى عن ما ندمنا على قولِه، أو أحيانًا لنزيد على ما وددنا أن نقوله ونستفيض ونستفيض!

ختامًا

لا شكّ أن لكل شخص تفضيلًا معيّنًا في مشاركة مشاكله وهمومه أو أي فكرة من أفكارِه، ولا شكّ أيضًا أنه من الصعب أن نلتزم دائمًا بالكتابة على الورق عوضًا عن الكلام المباشر.

ولكن طالما أمامنا حلّ الكتابة على الورق، من المهم أنّ نلتفت إليه بين الحين والآخر، ولا ضرر في أن نلجأ إليه أيضًا، فقد يُغنينا عن الكثير من الصعوبات التي نواجهها وتقلق راحتنا عندما نبوح بمشاكلِنا لأصدقائنا أو عائلاتنا أو من نحب.

المراجع والمصادر

  • 7azarfazar.com، كتابة مذكرات يومية: تعرّفوا على ٩ خطوات بسيطة للتحرّر من المشاعر والأفكار السلبيّة
  • Introvertdear.com, Why Is Writing Easier Than Speaking for Introverts? Here’s the Science