زنجبار.. أندلس أفريقيا

زنجبار هو اسم لمجموعة جزر وينقسم إلى قسمين بالفارسي وتعنيان "زانغي بار"، ولقبت هذه المدينة الحجرية الساحرة "بأندلس أفريقيا"، سكن البشر تلك الجزيرة منذ 20 ألف عام، وكان بداية دخول الإسلام فيها سنة 65 أو 74 للهجرة على حسب اختلاف الروايات. وانطلقت مسيرة الإسلام في زنجبار منذ أن وقعت الحروب بين العمانيين وجيوش الحجاج بن يوسف الثقفي، واستمرت العلاقة ما بين العرب والزنجباريين لسنوات طويلة، وكانت نسبة السكان المسلمين فيها تشكل 70%.

اعتبرت زنجبار قاعدة للرحلات التجارية ما بين العرب والهند وأفريقيا، حيث سيطرت عليها قديمًا على مر العصور  إمبراطوريات عديدة منها البريطانيون والعمانيون والبرتغاليون وغيرهم، وبقيت تحت السيطرة الإمبراطورية البرتغالية مدة مئتي عام، وأصبحت تحت حماية بريطانيا في عام 1890م وقادت معها أقصر حرب في التاريخ، ونالت استقلالها من بريطانيا عام 1963م.

علاقة العرب القديمة بزنجبار

ارتبطت زنجبار ارتباطًا تاريخيًا قويًّا مع العرب في مطلع القرن الثالث عشر ميلادي حيث ظهرت أول دولة عربية عمانية في زنجبار، وذلك من خلال الدلالات التاريخية والتراثية الواضحة في جزرها في المحيط الهندي، والروابط المتينة بين الأفارقة جنوب الصحراء والعرب شمالها أو عبر البحر باتجاه الخليج العربي وبالتحديد اليمن وعمان.

وهناك مجموعة من التراث التاريخي العربي الذي يشير إلى ارتباطها بالعرب تاريخيًّا وتراثيًّا، كالموسيقى التي تعزف بواسطة الآلات العربية، وممارستها بعض العادات والتقاليد العربية مثل الطعام، وفيها من يتكلمون اللغة العربية بلهجة عمانية أو يمنية، ومنهم من لديه أقارب عبر البحر في عمان واليمن. وكلما اقتربنا من ساحل شرق أفريقيا نلحظ أن هناك ذكريات تشير إلى فتوحات وتواريخ، وإشارات إلى التقاء الأديان ومزج الشعوب وإقامة التجارة فيما بينهم،  إذ كانت في مقدمة نشاط التجار العرب والأفارقة بين شرق أفريقيا وبلاد العرب ومصر والعراق وشبه القارة الهندية.

وقد استوطن العرب في المكان الذي يسمى حاليًا مدينة زنجبار، وهو المقر التقليدي للتجارة مع مدن ساحل شرق أفريقيا. وأقاموا الحاميات حول الجزيرة وبنوا فيها أول مسجد في نصف الكرة الجنوبي.

زنجبار جغرافيًّا

تقع جزيرة زنجبار في المحيط الهندي، وتتبع دولة تنزانيا من شرق أفريقيا، وتتمتع بحكم شبه ذاتي، إذ يبلغ عدد سكانها ما يقارب مليون شخص، وجزيرة أنغوجا من أكبر الجزر فيها وتليها جزيرة بمبا، ويعد موقعها الإستراتيجي سببًا في سيطرة الدول الاستعمارية عليها، إذ يربط الجزيرة العربية بالساحل الأفريقي، ما يسهل من عملية نقل الأفراد والسفن ومختلف البضائع. وتتمتع زنجبار  بمناخ منخفض الحرارة في فصل الصيف، ودافئ خلال مواسم السنة في المناطق القريبة من خط الاستواء.

زنجبار ثقافيًّا

تضم مدينة زنجبار الحجرية ثقافات مختلفة منها العربية، والأوروبية، والفارسية، والهندية، والإفريقية، وأدرج مبنى "بيت العجائب" التاريخي في المدينة الحجرية (زنجبار) عام 2000م على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وإن ما يميز تلك الجزيرة الطابع التاريخي العتيق، وطبيعتها الساحرة الخلابة، وتخطيطها العمراني وأزقتها القديمة التي تحمل تصاميم معمارية لحضارات عدة.

ويعتمد سكان زنجبار المحليون على أنشطة تجارية بسيطة لكسب قوت يومهم، مثل الزراعة التي تصلح على أرضها الخصبة وتعتبر مهنة أساسية عند معظم السكان، وتشتهر بزراعة القرنفل والقهوة، وتنتج العديد من المحاصيل كجوز الهند والذرة، وتعتمد أيضًا على مهنة الصيد البحري، إذ يصطاد سكانها كميات كبيرة من الأسماك يوميًا.

وأخيرًا وليس آخرًا، لا بد من رحلة تأخذنا إلى زنجبار، للتمتع بمكانها الاستوائي الساحر، وأبنيتها الحجرية العتيقة ذات التصاميم المعمارية الخلابة، وتأمل السماء في مياهها الفيروزية التي تأخذك إلى معالم لا متناهية، والتعرف على مزيج من الثقافات داخلها، وعلى حياتهم المعيشية البسيطة.