من هو طالب الجامعة الحقيقي؟

أهمية العلم

يحمل العلم قيمة ومكانة رفيعة المستوى لدى الشخص في الحياة، وأهمية بالغة في كيفية التعايش في الكون، وتنمية القوة الإدراكية التي أودعها الله سبحانه وتعالى في الإنسان، فلا بد أن يستغلها بالسعي إلى طلب العلم. إنّ خيار العلم للإنسان كالهواء يستنشقه ليبقى حيًا، وليتجنب مخاطر الجهل على نفسه، وعلى المجتمع ككل، وأكبر عدوٍ للإنسان هو الجهل.

طالب جامعي

ببساطة عندما يسأل أحد عن تعريف طالب الجامعة، سيجيب بالمفهوم الشائع، هو الشخص الذي أنهى مرحلة الثانوية العامة ناجحًا، وانتقل إلى المرحلة الجامعية ليكمل دراسته في تخصص ما. لكن في الحقيقة علينا أن نعلم أنّ مفهوم طالب الجامعة الذي مضى من عمره اثنا عشر عامًا على مقاعد الدراسة الأساسية والثانوية، من غير المنطقي أن يكون بتلك البساطة، بل أعمق من ذلك بكثير.

بداية علينا أن نعرف أن ذلك الطالب انتقل من مرحلة مختلفة كليًا عن المرحلة المدرسية، من عدة جوانب منها الدراسية، والثقافية والمعرفية، والاتصالية، وبناء واكتساب الشخصية، وغيرها.

الآن أريد أن أعرف مفهوم طالب الجامعة؟ وماذا يجب أن يكون في الحقيقة؟ حتى يدرك المجتمع أهمية ذلك الشخص الذي سوف يكون جزءًا هامًا من نهضة المجتمع.

هو طالب جامعي في أحد التخصصات، وإنّ دراسة ذلك التخصص هو جزء فقط من مفهوم طالب الجامعة، وتكمن الأجزاء الأخرى في أن يمتلك عمق الفكر، ونضج العقل، وحسن الفهم، والخوض في التفاصيل والتعمّق في كل شيء للوصول إلى المعرفة والحقيقة الكافية، واكتساب مهارات التواصل الجيدة، وبناء الشخصية، والقراءة والثقافة، والاطلاع الواسع. إنّ جميع تلك الأجزاء هي من ضمن مفهوم طالب الجامعة، التي يجب علينا أن نلمسها فيه.

الدراسة في الحرم الجامعي

لا شك أنّ الهدف الأساسي من الجامعة هو التفوق الدراسي والحصول على الدرجات العالية، وذلك يأتي على قدر الجهد والتعب المبذول، ولكلّ مجتهد نصيب. سأذكر هنا خطوات عن كيفية التفوق الدراسي من خلال تجربة شخصية مررت بها:

  1. النية الصادقة والإخلاص في طلب العلم، وأن نعلم يقينًا أنّ "ما توفيقي إلا بالله".
  2. بذل جهد ليس بالقليل، والتحلي بالصبر، والعلم اليقين باستحالة وألف استحالة أن تنال التفوق من غير أن نقوم بالقراءة الجيدة، والتحليل والتنقيح، وتلخيص الأفكار الرئيسية والثانوية، والتكرار مرارًا لترسيخ المعلومات في عقولنا، والقدرة على استرجاعها.
  3. عدم اليأس، والمحاولة مرة تلو الأخرى عند الفشل في مادة ما، وأن يتعلم المرء من أخطائه ويتجاوزها في المرات القادمة، وأن يعلم أنّ الإنسان يتغير إلى الأفضل، فإنّ المرحلة الأولى من الجامعة ليست كالثانية والثالثة، وهكذا يتقدم المرء حتى ينضج العقل والفهم.
  4. عدم تأجيل الدراسة والواجبات إلى أيام قليلة من موعد الامتحان، لأنّ ذلك يشكل خطرًا كبيرًا على الطالب، ويولد القلق والتوتر، وصعوبة تخزين واسترجاع المعلومات عند الامتحان، لأنّ تخزين المعلومات واسترجاعها يحتاج إلى فترة ليست بالقليلة وطرق متنوعة. 

فرص علينا استغلالها ويعتبر ضياعها خسارة كبيرة خلال المرحلة الجامعية 

كما نعلم، فإنّ الفترة الزمنية للجامعة أربع سنوات قد تزيد أو تنقص عن ذلك بقليل، مما يعني أنها فترة ليست طويلة من تلك الأيام التي تمضي بلمح البصر، فعلينا استغلال كل لحظة تمر بنا بما يعود على أنفسنا بالفائدة العظيمة، وأن نفضّل المفيد على الممتع فيها. لكن قد يسأل أحدكم ما الذي يمكنني أن أفعله في هذه المرحلة؟

إنّ البيئة الجامعية مليئة بالأفعال التي يجب أن نستغلها جميعها حتى تعود علينا بالفائدة، ونعرف أن تلك البيئة الجامعية مختلفة تمامًا عن المدرسية، كونها تحيطنا بأشخاص متنوعين من ثقافات، ومناطق جغرافية، ومستويات تعليمية ومعيشية، قد تشاهد الغني والفقير، والمثقف وواسع المعرفة، والمتوسط في ذلك. إذن، أنت مخترق؟ نعم مخترق، إن لم تحسن الاختيار من بين كل ذلك الاختلاف، وفي وسط كل ذلك الزحام، فعليك أن تختار ما يناسبك ويتوافق مع مبادئك وعقيدتك وأخلاقك، ومن يساعدك في ذلك الدرب على تحقيق أهدافك ويزيد خبراتك وثقافتك ورجاحة عقلك، فإنّ ذلك له التأثير الكبير على بناء شخصيتك.

بالتالي، قد يواجه البعض عوائق عند التخرج من الجامعة في الحصول على فرصة عمل. لا شك أنّ نسبة البطالة مرتفعة حقيقة في الوطن العربي، نتيجة الظروف الصعبة التي يمر بها، لكن بعض الطلبة حقيقة لديهم التقصير الكبير في حق أنفسهم، والسبب أنّهم يعرفون جيدًا أنّ معظم الجامعات بل أكثرها لا تعطي اهتمامًا كبيرًا للتدريب العملي على بعض التخصصات، التي تحتاج إلى ذلك، فيبقى معظم تركيز الطلبة على الجانب النظري والتلقين خلال الفترة الجامعية، وإنّ ذلك، بالتأكيد، لا يكفي لسوق العمل بعد التخرج. لذلك علينا استغلال المرحلة الجامعية من الفصل الأول، في التدريب العملي، فيجب أن نسعى للحصول على فرصة تدريب  في مكان له علاقة في التخصص الجامعي، فعندما تستغل تلك الفرصة التدريبية من بداية المراحل الجامعية الأولى، حتى لو كانت قليلة لكن الأهم الاستمرار فيها من البداية، فسوف تجني ثمارها مستقبلًا عند الانطلاق إلى سوق العمل بفرص أكبر من غيرك.

أيضًا، السعي إلى اكتساب مهارات متعددة أمرٌ في غاية الأهمية خلال المرحلة الجامعية، التي يحتاج إليها كل عمل في السوق، من تعلم اللغات وعلى رأسها اللغة الإنجليزية، ومهارات الحاسوب والإنترنت، والتعامل مع التكنولوجيا الحديثة.

بالإضافة إلى المشاركة في الأعمال التطوعية والعمل الجماعي، وحضور الفعاليات والمناظرات والمؤتمرات، التي تزيد من المخزون المعرفي عند الطالب، وتساهم في  التعرف وبناء العلاقات مع أشخاص جدد، والتي قد تغير من أنفسنا إلى الأفضل.

وأخيرًا لا ننسى 

إنّ تلك المرحلة الجامعية لا يعوضها ثمن، وفترة زمنية من عمر الإنسان لا تعود، وإنّ خسارتها لخسارة كبيرة في حق أنفسنا، وإنّ استغلال كل لحظة فيها، نعم كل لحظة يعود علينا بالفائدة العظيمة، ونقطف ثمارها بعد تخرجنا، والله ولي التوفيق.