هل سيُلقي فيروس كورونا بظلاله على وضع الغذاء العالمي؟

في ظل ما يشهده العالم أجمع من تداعيات جائحة كورونا وما تلقي به من اضطراب كبير على الاقتصاد العالمي، وذلك لاضطرار الدول لأخذ الكثير من الإجراءات الخاصة والمشددة بالحجر المنزلي الكامل لجميع سكانها، نجد أن اقتصاد كثير من الدول بدأ يتجه نحو حافة الهاوية، فمع توقف عجلة الإنتاج والصناعة والسياحة بالإضافة إلى الانهيار المدمر لأسعار النفط العالمي، نجد أن الأزمة ستلقي بظلالها على منظومة الغذاء العالمي أيضًا مما قد يشكل خطرًا كبيرًا على الكثير من الدول وبخاصة النامية منها والتي تنتشر فيها أمراض سوء التغذية والمجاعة.

دور منظمة الأغذية والزراعة في هذه الأزمة

تعمل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) في ظل هذه الظروف يدًا بيد مع منظمة الصحة العالمية (WHO) وذلك من خلال تأمين تقديم الدعم الغذائي لسكان العالم واستمراريته وتقييم آثار هذه الجائحة ومواجهتها على حياة البشر وظروف معيشتهم وما سيحل بالأسواق الغذائية والثروة الحيوانية من تداعيات. لذلك فقد سعت المنظمة إلى فهم وتخفيف أثر هذا الوباء على قطاعات الأغذية والزراعة من خلال فهم أصل الفيروس وطرق انتقاله، وحماية الأمن الغذائي للفئات الأكثر حاجة في الدول الفقيرة، كما أنها سعت إلى ضمان تطبيق توصيات منظمة الصحة العالمية في مكافحة هذا الوباء.

ولأن المنظمة تعي أن هذه الجائحة تؤثر بالفعل على قطاع الأغذية في العالم فإنها سعت إلى اتخاذ الكثير من التدابير العاجلة لضمان سير منظومة الغذاء بشكل مناسب خاصة في الدول الأقل حظًا والتي تعاني من نقص كبير في الموارد الغذائية. ولكن رغم أن الوضع تحت السيطرة حتى هذه اللحظة،  إلا أن التحديات اللوجستية والمتمثلة بشكل أساسي في صعوبة نقل الإمدادات الغذائية تقف عائقًا في سير الإمدادات بين الدول وذلك نتيجةً للإجراءات المشددة في التنقل عبر الحدود تطبيقًا لمعايير سلامة الأغذية.

صور لتأثير الفيروس على الغذاء في العالم 

مع استمرار الحجر المنزلي وتوقف مجال صناعة الضيافة والترفيه في الكثير من دول العالم من خلال إغلاق كامل للمطاعم والمقاهي، وكذلك توقف حركة السياحة والنقل، حذر كثير من منتجي الأغذية بزيادة فائض في المنتجات التي يتم تصنيعها والتي قد تذهب سدى إن استمر الحال على هذا المنوال، ومن هذه الصور:

  • أزمة إنتاج الألبان ومشتقاتها: فقد اضطر كثير من مزارعي الألبان في الولايات المتحدة الأمريكية إلى التخلص من إنتاجهم من الألبان عن طريق إلقائها في مصارف المياه، ويقدر ما يتم التخلص منه بحوالي (14 مليون لتر) من الحليب كل يوم. ورغم انتشار الكثير من الفيديوهات التي توثق لهذه الأزمة في أمريكا لم يقتصر هذا الوضع عليها فقط، فجمعية مزارعي الألبان في بريطانيا أيضًا أشارت إلى أن حوالي (5 مليون لتر) من الألبان معرضة لخطر الإتلاف أسبوعيًا.


  • التسويق الغذائي للمحاصيل: مع توقف الكثير من المحلات والأسواق التجارية ومع انخفاض الطلب على المنتجات الزراعية والقيود المشددة على حركة الاستيراد والتصدير، تواجه دول كثيرة فائضًا في الإنتاج الزراعي من المحاصيل الزراعية واللحوم والدجاج والبيض. ومن ضمن هذه التداعيات، تواجه الهند خسائر كبيرة نتيجة الحاجة إلى إتلاف الكثير من إنتاجها من محصول الشاي وذلك لانخفاض الطلب العالمي عليه في ظل الأوضاع الحالية.
  • نقص الأيدي العاملة: مع إجراءات الحجر المنزلي المطبقة عالميًا، يواجه الكثير من المزارعين في دول العالم حاجة ملحة للأيدي العاملة للتقليل من الخسائر المتمثلة بعدم القدرة على جني المحاصيل الزراعية. ولهذا السبب قامت ألمانيا بالسماح للعمال الرومانيين والبولنديين بالسفر للمساعدة في موسم الحصاد الربيعي خاصة لمحصولي الفراولة والهليون.
  • تغيير عادات التسوق وشراء الأطعمة: لوحظ في ظل الظروف الحالية تغيير في عادات شراء الطعام لدى الكثير من الناس حيث اتجه الكثير من المتسوقين إلى شراء الأطعمة الصحية والعضوية المحلية في ظل دعوات منظمة الصحة العالمية إلى الحاجة لرفع مناعة الجسم بتناول المنتجات الصحية والابتعاد عن الأغذية المصنعة والجاهزة والتي قد تكون سببًا في سهولة الإصابة بالعدوى.

وختامًا، ولأن أزمة توفير الغذاء هي أزمة مستمرة، نجد أن من واجب الجميع أن يقفوا وقفة تأمل لعاداتهم الاستهلاكية الخاطئة التي قد نتبعها في حياتنا العادية بشكل روتيني وغير واعٍ -وإن كانت بسيطة في نظرنا- إلا أن توفير ولو حبة واحدة من القمح أو الأرز من جانب كل شخص فينا قد يكون بداية لاستقرار غذائي في دول فقدت كافة مواردها بسبب الحروب والجفاف والأمراض. لذا هذه دعوة للاقتصاد في الاستهلاك الغذائي والتعامل مع الغذاء بوعي للمساعدة على ديمومة حياة شعوب جائعة. ودمتم دائمًا بصحة وخير.

المراجع