الأصالة الشخصية والترند

كيف فقدنا أصالتنا الشخصية باتباع "الترند"؟!

اليوم وأنا أسير في شوارع مدينتنا الصغيرة وأراقب.

أراقب هذا الكم الهائل من الشباب الذين يرتدون النوع ذاته من الملابس، ويحملون الحقائب ذاتها ويستمعون لنفس النوع من الموسيقى!

وأتساءل لم أصبح من الشائع أن يتبنى الفرد منّا سلوكيات الآخرين؟!

هل هي الحاجة الاجتماعية للتواصل؟ أم رغبة الإنسان الدائمة في الانتماء إلى هوية وتصنيفات بعينها، فلبسه وطريقة حديثه واهتماماته اليوم لا تعبر عن ذاته بقدر ما تعكس للآخرين نوع الفئة التي ينتمي إليها فيفقد طابعه الشخصي، بصمته الإنسانية التي تجعله فردًا ينتمي إلى نفسه واعيًا بكل تصرفاته واختياراته!

هل الترند يسهل علينا الاختيار؟

الاختيار العقلي النابع من إيماننا بأنفسنا، بقرارات بسيطة وتافهة -كقصة شعرنا مثلًا- تمثلنا نحن ولا تمثل غيرنا، نختار لأننا نُريد ونُحب؛

ولكن حين نضع أنفسنا في قالب معين، لا نختار.

الانتماء لفئة ما يُسهل علينا ذلك، تُعلّب لنا هوياتنا جاهزة عليها ختم الجودة -علامة الموافقة الاجتماعية- فأنت الآن فردٌ من هذا المجتمع الساحر؛ فيختارون لك عبر وسائل التواصل ومجموعة من مشاهيرها، تفضيلاتك، شكل جسدك ولون حذائك، وطريقة لف الشال حول رأسك. الاتباع أسهل وأقل تعقيدًا من التعبير عن هويتك، من أن تقف أمام أرفف المحل المثقلة بالعلامات التجارية الرائجة وأنت تبحث عن عطرك القديم!

وأقل إحراجًا من أن تطلب مشروبك المُفضل غير المُدرج في قائمة الأسبوع!

والأمر يمكن أن يكون أبسط من هذا كُله!

لكنني كالعادة أنا.

أنا من أقدّس الفرد وأصالته الشخصية، والاعتزاز بذاته كما هي، ببساطة النفس وتعقيداتها، فيثير استيائي وعجبي هذا التشابه الطريف والمُزعج، ويدور السؤال ذاته في ذهني في كل مرة أخطو بها خارج منزلي مذهولة:

يا إلهي من سرق من الناس هوياتهم؟!